احتكار المصرف الأهلي للحوالات المثير للجدل.. أرباح للأردن ومصارف عراقية تُقصى من المشهد

أثار ملف الحوالات الخارجية في العراق جدلاً واسعاً في الأوساط المصرفية والاقتصادية، على خلفية ما وصفه مختصون بـ”الاحتكار غير المسبوق” من قبل المصرف الأهلي العراقي لعمليات التحويل المالي، ومنع مصارف عراقية أخرى من الدخول إلى هذه السوق، ما تسبب -بحسب مراقبين- في حرمان البلاد من موارد مالية كبيرة، وتحويل أرباح الحوالات إلى ميزانية المملكة الأردنية، كون المصرف مملوكاً لشخصيات أردنية.
احتكار في سوق الحوالات
وأكد خبراء مصرفيون ، أن “المصرف الأهلي حصل، بدعم من جهات متنفذة، على حصرية شبه مطلقة لإجراء الحوالات الخارجية من العراق إلى الخارج، في وقت تم فيه تقييد عمل عدد من المصارف العراقية الأهلية الأخرى، ومنعها من الوصول إلى المنصة الإلكترونية الخاصة بالحوالات التي تُدار تحت إشراف البنك المركزي”.
واضافوا ان “الوضع القائم لا يعكس اقتصاداً تنافسياً صحياً، بل هو أقرب إلى سياسة الإقصاء المُمنهج لبعض المصارف لمصلحة مصرف واحد فقط”، محذراً من أن “هذا الاحتكار يفتح الباب واسعاً للفساد ويضرب مبدأ الشفافية في الصميم”.
أرباح الحوالات إلى خارج العراق
وفي تطور لافت، كشفت مصادر مطلعة في القطاع المصرفي أن “الأرباح التي يجنيها المصرف الأهلي من عمولات الحوالات الخارجية لا يتم تدويرها داخل العراق، بل يتم تحويل نسبة كبيرة منها إلى الأردن، حيث تُضاف إلى ميزانيات الشركات الأم المالكة للمصرف، ما يشكل استنزافاً للعملة الصعبة وإضراراً بالاقتصاد الوطني”.
وأكد مستشار مالي سابق في الحكومة، أن “ما يحصل اليوم هو بمثابة تحويل منهجي للعملة الصعبة من العراق إلى الخارج، بطرق قانونية ظاهرياً، لكنها مشبوهة من حيث التأثير السيادي والاقتصادي”، مضيفاً أن “العراق يخسر يومياً مبالغ ضخمة من الدولارات بسبب هذه السياسات”.
تهميش المصارف العراقية
خبراء اقتصاديون طالبوا “بفتح تحقيق عاجل حول آلية منح الحوالات، وتحديداً أسباب منع مصارف عراقية رصينة من التعامل المباشر في هذا الملف، رغم امتلاكها للبنية التقنية والخبرة المطلوبة”.
وأشار مصدر في أحد المصارف العراقية التي تم استبعادها، ان “البنك المركزي لا يوضح الأسباب، ويتم تجاهل طلبات المصارف الأهلية بشكل متكرر”، مؤكداً أن طالأمر تجاوز كونه منافسة، ليصبح خنقاً منظماً لمؤسسات وطنية”.
مطالب بالتحقيق البرلماني
من جهتها، طالبت اللجنة المالية النيابية “بفتح تحقيق برلماني شامل في هذا الملف”، داعية الحكومة إلى “التدخل العاجل لوقف هذا النزيف المالي الذي يستنزف خزينة الدولة”.
وشددت “على ضرورة أن تكون سياسة الحوالات شفافة وتخدم الاقتصاد العراقي وليس مصالح أفراد أو شركات أجنبية”.
ويبدو أن المضي في احتكار الحوالات، مع تحويل أرباحها إلى الخارج، لن يصب في مصلحة العراق اقتصادياً ولا سياسياً، ما يستدعي تحركاً عاجلاً من الجهات الرقابية والتشريعية لإعادة الأمور إلى نصابها وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المصارف.