
أولاً: البُعد السياسي
الصورة توحي بوجود محور سياسي بديل للغرب، حيث يظهر قادة روسيا والصين وكوريا الشمالية ودول من آسيا الوسطى والقوقاز. هذا يُبرز حالة من التكتل لمواجهة النفوذ الأمريكي والأوروبي.
هذه اللقاءات تحمل رسائل مباشرة للولايات المتحدة وحلف الناتو بأن هناك بدائل سياسية واقتصادية تُبنى خارج دوائر الغرب، عبر تحالفات جديدة أو تفعيل تكتلات قائمة مثل منظمة شنغهاي للتعاون أو مبادرة “الحزام والطريق”.
وجود زعماء من دول إسلامية وآسيوية يعطي إشارة إلى أن التحالف لم يعد مقتصرًا على القوى العظمى، بل يشمل قوى إقليمية تبحث عن دور مستقل في النظام الدولي الجديد.
ثانياً: البُعد الأمني
اجتماع قادة دول بينهم روسيا، الصين، كوريا الشمالية، إيران، وآخرون، يُرسل رسالة واضحة بأن هناك تنسيقاً أمنياً وعسكرياً متقدماً في مواجهة ما يُسمّى بالهيمنة الغربية.
هذا النوع من اللقاءات يفتح المجال لتبادل المعلومات الاستخبارية، تعزيز صفقات السلاح، والتنسيق في قضايا حساسة مثل مكافحة الإرهاب أو مواجهة الوجود العسكري الأمريكي في آسيا والشرق الأوسط.
يُفهم من المشهد أن هذه الدول تسعى إلى بناء مظلة ردع مشتركة لمواجهة العقوبات أو أي تدخل خارجي، خاصة مع استمرار الحروب الباردة الجديدة (أو ما يسميه بعض الخبراء “الحرب الباردة الثانية”).
ثالثاً: البُعد الاقتصادي
اجتماع هذه الدول معناه تحالف اقتصادي ضخم يمتلك:
موارد طبيعية هائلة (نفط، غاز، معادن).
أسواق سكانية ضخمة (الصين، روسيا، إيران، إندونيسيا، إلخ).
قدرات صناعية وتكنولوجية متنامية.
اقتصاديًا، هذه الصورة تجسد الاتجاه نحو الابتعاد عن الدولار والبحث عن عملات بديلة في التبادل التجاري، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للهيمنة المالية الأمريكية.
أيضاً، التعاون في مجالات البنى التحتية والطاقة والاتصالات سيكون له أثر كبير على تشكيل ممرات تجارية بديلة مثل “طريق الحرير الجديد”، الأمر الذي يغيّر مسارات الاقتصاد العالمي.
هذه الصورة ليست مجرد “صورة جماعية” لزعماء؛ بل هي إعلان ضمني عن:
1. توازن قوى جديد يتشكل بعيدًا عن واشنطن وبروكسل.
2. شراكة أمنية قادرة على قلب موازين الصراع في الشرق الأوسط وآسيا.
3. كتلة اقتصادية عملاقة قادرة على إعادة رسم خرائط التجارة والطاقة العالمية.
بكلمة واحدة، الصورة تحمل عنوان: “العالم متعدد الأقطاب”، وهو النظام الذي يتشكل تدريجياً على حساب النظام الأحادي القطبية الذي تقوده الولايات المتحدة منذ التسعينات.
ضياء ابو معارج الدراجي