مقالات

رواتب الموظفين ليست صندوق اسعاف لفشل الدولة..!

مظهر الغيثي

مرة اخرى كلما اصطدمت الدولة العراقية بمطب مالي يهرع بعض الفاشلين في ادارة شؤونها الى الحل الاسهل والافقر فكرا تخفيض رواتب الموظفين وكان الدولة اختزلت في جيب الموظف وكان العجز لا يرى الا في راتب معلوم ومصدر رزق ثابت هذا السلوك لم يعد خطا عابرا بل تحول الى نهج مكشوف يعكس عجزا بنيويا عن ادارة الدولة وفقرا في الخيال السياسي وكسلا في مواجهة بؤر الهدر الحقيقية.

لقد قيل هذا الكلام سابقا ومرارا حتى بات تكراره اليوم معيبا فالسياسي الذي يلجا الى الاجراء ذاته في كل ازمة هو سياسي لم يتعلم ولم يحاسب نفسه ولم يراجع ادواته تفكير تكتيكي اني قصير النفس يرضي اللحظة ويفجر المستقبل ولا يصنع دولة ولا يحفظ كرامة مواطنيها.

الدولة لا تدار باجراءات صادمة تلقى على الناس ثم يطلب منهم الصبر الدولة تدار بخطوط متوازية تكتيكية تعالج الطارئ دون المساس بلقمة العيش واستراتيجية تقتلع اسباب العجز من جذورها ادارة موارد ضبط انفاق اصلاح مؤسسات وانهاء منظومات الهدر التي يعرفها الجميع ويتجاهلها القرار السياسي.

الاخطر من ذلك ان هذا الطرح ياتي اليوم بعد انتخابات برلمانية اثمرت عن مستوى مهم من الثقة بالمنظومة السياسية وبالعملية الديمقراطية هذه الثقة ليست تفويضا مفتوحا للاضرار بالناس بل فرصة لاعادة بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع التفريط بها عبر قرارات مرتجلة هو انتحار سياسي وخيانة لمعنى المشاركة الشعبية التي تحققت بشق الانفس.

ان الجمهور والموظفين على وجه الخصوص لا يطالبون بالمعجزات بل بالطمأنة وبخطاب صادق يقول نعم لدينا ازمة لكن لدينا ايضا رؤية ومسارات اصلاح متزامنة وخارطة طريق تمنع تكرارها عندها فقط يمكن للدولة ان تطلب الصبر بوصفه شراكة لا اذلالا..!

ولان الدولة لا تبنى بالارتجال فان الحاجة اليوم ماسة الى الاستشارة الحقيقية لا الشكلية الى الاصغاء لاهل الخبرة والاختصاص لا تدوير القرارات داخل الغرف المغلقة ذاتها الخبراء كثر في هذا البلد وهم حاضرون لتقديم الراي والمعالجة وانا واحد منهم ان عددت كذلك اضع خبرتي في خدمة الدولة لا في تبرير فشلها
ان حماية رواتب الموظفين ليست منة بل واجب وحماية الثقة التي انتجتها الانتخابات واجب اكبر ومن يريد ان يسوس البلاد الى بر الامان فليبدا باصلاح الدولة من الاعلى لا بكسر ظهر من يحملها كل يوم بصمته وصبره.

 

زر الذهاب إلى الأعلى