
قبل أسابيع قليلة من انتهاء عمر الدورة البرلمانية، يعيش البرلمان العراقي حالة شلل متعمد، فوفق ما يتداول في الأوساط السياسية، هناك صفقة سرية بين قوى متنفذة تهدف إلى تعطيل الجلسات عبر كسر النصاب وغياب النواب بشكل متعمد. هذا المخطط لا يضعف فقط الدور التشريعي والرقابي للبرلمان، بل يفاقم أزمة الثقة العامة بمؤسسات الدولة في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد.
وقال النائب المستقل هيثم الفهد، أن “هناك صفقة سياسية سرية بين جهات متنفذة تهدف إلى تعطيل عمل البرلمان، عبر كسر النصاب القانوني وغياب متعمد للنواب عن الجلسات، كما أن هناك ضغوطا تمارس على بعض النواب لعدم حضور الجلسات، وهو ما يعكس توافقات غير معلنة بين أطراف سياسية محددة لتعطيل المؤسسات التشريعية بشكل متعمد”.
وأضاف، أن “استمرار هذا الوضع يعرقل قدرة البرلمان على ممارسة دوره الرقابي والتشريعي، ويزيد من حالة الشلل السياسي ويضعف الثقة العامة بمؤسسات الدولة، والحل يكمن في تجاوز المصالح الشخصية والسياسية الضيقة، والعمل على تفعيل دور البرلمان بما يخدم مصالح المواطنين ويعيد الثقة إلى المؤسسات التشريعية”.
وتغيب أعضاء مجلس النواب، يوم الأربعاء الماضي، عن جلسة البرلمان وذلك للمرة الثالثة على التوالي خلال الأسبوع الماضي، ما حال دون اكتمال النصاب القانوني رغم دعوات الرئاسة لهم بالحضور وتحمل المسؤولية التشريعية والقانونية.
يأتي ذلك، بعد جمع أكثر من 80 توقيعا نيابي لاستضافة وزراء الزراعة والموارد المائية والخارجية في مجلس النواب وذلك لإيجاد حلول عاجلة لأزمة شح المياه، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة بيئية وإنسانية تهدد حياة ملايين العراقيين.
وكانت مصادر مطلعة من داخل مجلس النواب، أفادت، في 13 أيلول الجاري، أن “بعض القوانين المدرجة على جدول أعمال الجلسة، وتحديدا اتفاقية الاستثمار مع السعودية وقانون الاستثمار الصناعي، كانا سببا في تعطيل جلسة الاثنين”.
وأضافت، أن “فشل الجلسة يعود إلى منع رؤساء الكتل نوابهم من الحضور، فيما كان البعض الآخر منشغلا بالتحضير للانتخابات ”.
وكان البرلمان، قد مرر في 26 آب الماضي قائمة السفراء الجدد وسط انسحاب نواب وكسر النصاب، ما أثار عاصفة من الجدل والاتهامات بترسيخ نهج المحاصصة وتفكيك مؤسسات الدولة، فيما لم يتمكن من عقد جلسات بعدها حتى وقت كتابة التقرير.
ويواجه تعطيل جلسات البرلمان جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج الى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها.
ووفقا للنظام الداخلي، فأن السنة التشريعية للبرلمان من المفترض ان تعقد فيها 64 جلسة، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، إلا أن البرلمان لم يحققها.
وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بـ”الضحلة”، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه.
وتأخذ محاولة تمرير أي قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.
ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.



