
تثير العقوبات الأمريكية المفروضة على الشركات الروسية، وعلى رأسها شركة لوك أويل، مخاوف جدية من اضطراب سوق النفط العراقي، في ظل ارتباط عدد من الحقول الحيوية بشركات طاقة روسية كبرى.
ويخشى مراقبون أن يؤدي انسحاب لوك أويل المحتمل من حقل غرب القرنة/2 إلى إرباك العمليات الإنتاجية وخلق فراغ استثماري وتقني يصعب تعويضه سريعاً، ما قد ينعكس على مستويات الإنتاج والصادرات النفطية للعراق، في وقت يمثل فيه القطاع النفطي الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني ومصدر الإيرادات الأول لخزينة الدولة.
وفي هذا الجانب، قال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في منشور على حسابه في فيسبوك، اليوم الأحد، إن “مغادرة شركة لوك أويل الروسية المحتملة من حقل غرب القرنة/2 في البصرة، تمثل تطوراً خطيراً في بنية الاستثمار النفطي في العراق، خصوصاً في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على موسكو”.
وأوضح المرسومي، أن “العقوبات أثرت بشكل مباشر على التحويلات المالية والتعاقدات التشغيلية للشركة، ما جعل استمرارها في العمل داخل العراق أمراً بالغ الصعوبة”.
وأضاف، أن انسحاب “لوك أويل” سيؤدي إلى فراغ استثماري وتقني كبير في واحد من أكبر الحقول العراقية المنتجة للنفط، الذي يضخ نحو 420 ألف برميل يومياً.
وأشار إلى أن “أي تأخير في إيجاد بديل مناسب قد يتسبب في تراجع مؤقت بالإنتاج وزيادة كلفة التشغيل”، مرجحاً أن “شركات أمريكية ستكون الأوفر حظاً في الحصول على حصة الشركة الروسية إذا ما تم تحويل العقد من صيغة الخدمة إلى عقد مشاركة بالإنتاج”.
وأكد المرسومي، أن “هذا التحول المحتمل سيعزز من الحضور الأمريكي في قطاع النفط العراقي، ويضعف الشراكات الشرقية، ولا سيما الروسية والصينية، التي توسعت خلال السنوات الأخيرة”.
ورأى مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، خلال حديث صحفي في (5 تشرين الثاني 2025)، أنّ “الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد انسحابها من العراق عام 2011 وعودتها عبر التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في 2014، حققت إنجازات مهمة، لكنها اليوم تعود من بوابة مختلفة، تتمثل في الاستثمار والطاقة الكهربائية والبنية التحتية والخدمات، عبر مشاريع استراتيجية متعددة”.
ويضيف فيصل، أن “دخول الشركات الأمريكية العملاقة مثل إكسون موبيل، وشيفرون، وجنرال إلكتريك، وغيرها، في عقود طويلة الأمد، يعكس تحولاً جوهرياً في طبيعة العلاقة بين بغداد وواشنطن، إذ انتقلت من علاقات ذات طابع عسكري ودفاعي إلى علاقات اقتصادية أوسع وأكثر رسوخا”.
ويشير إلى أن “الولايات المتحدة لم تعد تضع الحرب على الإرهاب في العراق أو سوريا ضمن أولوياتها، بل تركّز حالياً على توسيع نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي في مواجهة النفوذين الصيني والإيراني، وكذلك الروسي، الذين يشكلون تحدياً مباشراً للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج العربي”.
ويؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أن “هذه العودة الاقتصادية تُعد جزءاً من استراتيجية أمريكية لإزاحة النفوذ المنافس عبر اتفاقيات طويلة الأمد تجعل العلاقة مع العراق مؤسسية واستراتيجية، لا ظرفية أو عسكرية محدودة”.
وكانت وكالة رويترز، كشفت في ( 4 تشرين الثاني 2025) عن إلغاء 3 شحنات من النفط الخام من قبل العراق، تابعة لشركة لوك أويل الروسية، خوفاً من العقوبات الأمريكية.
وحسب الوكالة، بأن “العراق ألغى تحميل ثلاث شحنات من النفط الخام تابعة لشركة لوك أويل (LKOH.MM) الروسية، والتي كان من المقرر تسليمها خلال شهر نوفمبر تشرين الثاني 2025، وذلك بسبب مخاوف من التعرض للعقوبات الأمريكية والبريطانية المفروضة على عملاق النفط الروسي”.
وذكر المصدران، أن “شركة تسويق النفط العراقية (سومو) هي من قامت بإلغاء الشحنات المقررة من إنتاج لوك أويل في حقل غرب القرنة-2 جنوبي البلاد”.
وكانت الشحنات الثلاث الملغاة محددة للتحميل في التواريخ التالية: 11 تشرين الثاني، و18 تشرين الثاني، و26 تشرين الثاني.
وفي (7 تشرين الثاني 2025) أعلنت شركة لوك أويل، أن الإدارة الأمريكية رفضت عروض شركة غونفور السويسرية لشراء الأصول الأجنبية لـ”لوك أويل”، وهو ما اعتبره الكرملين انتهاكاً لقواعد التجارية الدولية، وفي وقت لاحق أعلنت غونفور عن تراجعها عن محاولتها للاستحواذ على الأصول الأجنبية لشركة لوك أويل بسبب اعتراضات أمريكية.
ووقعت الحكومة العراقية، في (8 تشرين الأول 2025)، اتفاقية مبادئ (HOA) بين وزارة النفط وشركة إكسون موبيل الأمريكية.
وتعد شركة لوك أويل من أكبر شركات الطاقة الروسية، قد أعلنت الخميس الماضي عزمها بيع معظم أصولها الدولية لصالح مجموعة غونفور السويسرية، في خطوة وُصفت بأنها استجابة مباشرة للعقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على قطاع الطاقة الروسي.
ويأتي هذا الإعلان بعد قرار وزارة الخزانة الأمريكية، الصادر في 22 تشرين الأول، بفرض عقوبات على شركتي لوك أويل وروسنفت الروسيتين، بهدف زيادة الضغط على موسكو للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا.



