السُّعُودية والصراع العراقي-الكويتي على خور عبد الله..!

كندي الزهيري

في خضم التوترات المتجددة بين العراق والكويت حول السيادة على خور عبد الله، يظهر على الساحة الإقليمية طرف ثالث يتابع الأحداث عن كثب، وربما يستثمرها بطريقة غير مباشرة وهي :

السُّعُودية. التي ترى بخور عبد الله ممر بحري الاستراتيجي، الذي يقع بين العراق والكويت، بات نقطة توتر جديدة في العلاقات الخليجية – لا بسبب النزاع الثنائي فحسب، بل أيضًا نتيجة محاولات أطراف إقليمية لاستثماره ضمن حسابات أوسع.

ـ السُّعُودية واللعب على التوازنات الخليجية : عملت السُّعُودية على إضعاف العراق ، عبر زجه بحروب وصراعات متوافقة مع الخطط الأمريكية ، لجعل العراق دولة فاشلة ، عبر تمويل خطط الأمريكية ، لكون العراق يمثل خطر وثقل حقيقي ، ينهي هيمنة السُّعُودية على القرار الخليجي وربما العربي كذلك .

استثمرت السُّعُودية الصراع على شط العرب بين العراق وإيران ، فوجدة بالخطط الأمريكية سبيل الإنهاء قوة العراق المتنامية ، دعمت ومولت النظام السابق لأطالت الحرب ، الهدف استنزاف للطاقات العراقية إلى أبعد حدّ ممكن ، نجحت بذلك …

وفي الحرب الخليج الثانية، سعت السُّعُودية إلى إعادة تشكيل التوازنات في منطقة الخليج بما يضمن لها الدور القيادي، ويحد من أية محاولات عراقية أو كويتية للتمدد السياسي المستقل.

ومع تجدد الخلافات حول خور عبد الله، لم يكن مستغربًا أن تظهر أصوات سُعُودية تؤيد، ظاهريًا، الموقف الكويتي، لكنها في العمق تحاول استثمار الخلاف لضمان بقاء الكويت ضمن الفلك السياسي السعودي، ومنع العراق من استعادة نفوذه البحري.

السُّعُودية؛ تدرك جيدًا أن السيطرة أو التأثير على الموانئ والممرات البحرية مثل خور عبد الله تمنح قوة استراتيجية في المشهد الإقليمي، خصوصًا في ظل مشاريعها الاقتصادية الكبرى مثل “رؤية 2030″ التي تسعى لفرض نفوذ اقتصادي يمتد من البحر الأحمر إلى الخليج العربي.

ـ الهدف الخفي: تحجيم استقلالية القرار الكويتي…

قد لا تسعى السُّعُودية إلى السيطرة الفعلية على الكويت أو الاستحواذ على خور عبد الله، لكن طموحها الحقيقي يكمن في أمرين:

1. تحجيم الدور الكويتي المستقل، خصوصًا بعد أن أظهرت الكويت توجهًا نحو سياسات خارجية متوازنة نسبيًا مع كل من إيران وقطر والعراق.

2. تقييد أية تسوية قد تمنح العراق منفذًا بحريًا أكبر، ما يعيد له بعض النفوذ الذي كان يشكل قلقًا تقليديًا للرياض…من خلال دعم ضمني للكويت، تُحكِم السُّعُودية قبضتها على القرار الكويتي، وتُظهر نفسها كـ”الحامي للخليج” الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

ـ هل تطمع السُّعُودية بالسيطرة على الكويت؟

من الناحية الواقعية، لا توجد دلائل مباشرة أو فعلية على رغبة سُعُودية في “السيطرة” على الكويت بالمعنى التقليدي أو العسكري لكن هناك رؤيا تذهب الى تلك الاحتمالات . لكن مثل هذا التحرك سيكون انتحارًا سياسيًا إقليميًا ودوليًا.

من منظور أخر يمكن القول: إن السُّعُودية تسعى إلى بسط نفوذ ناعم ومركزي على القرار السيادي الكويتي، عبر الملفات الحساسة مثل الموانئ، الطاقة، الأمن، وحتى الإعلام ، وتقديم نفسهما حامي لحدود الكويت وارض الكويت ،مما يتيح للسعودية التدخل بطلب رسمي ، بعد أن صنعت عبر الماكينة الإعلامية ( عقل جمعي ) ينظر إلى العراق كوحش يريد ابتلاع الكويت ،

في حين تقدم السُّعُودية نفسها ، أنها المنقذ للشعب الكويتي وارض الكويت ، وبطلب من الشعب الكويتي أو سياسي ذلك البلد الذين يعملون لصالح الأطماع السُّعُودية ، وهنا لا يمكن لأحد أن يدين السُّعُودية ، لأنها تدخلت بطلب رسمي من قبل الكويت نفسها . اليوم خور عبد الله هو ورقة تفاوض، وربما ورقة ضغط، توظفها السُّعُودية ليس للسيطرة على الكويت فحسب ،

بل لضمان بقاء “البيت الخليجي” تحت قيادتها التقليدية، بعيدًا عن تقارب محتمل بين بغداد والكويت، قد يزعزع قواعد اللعبة الإقليمية التي أرستها منذ التسعينيات.

زر الذهاب إلى الأعلى