أخباراقتصاد

أقدم حقول العراق.. قصة حقل نفطي عراقي خسر الصدارة عالميًا لصالح السعودية

يُعدّ حقل كركوك أحد أبرز حقول النفط في العراق والعالم، بما يسهم به في إنتاج بغداد يوميًا من الخام عالي الجودة بكميات ضخمة، تعزز اقتصاد الدولة وتدعم إستراتيجيتها المستقبلية.

ويمثّل الحقل رمزًا تاريخيًا لصناعة النفط العراقية، إذ يُعدّ أحد أقدم حقول النفط في العراق، وثاني أكبر حقل في العالم من حيث القدرة الإنتاجية، وخامس أكبر حقل عالميًا من حيث حجم الاحتياطيات.

ويُسهم حقل كركوك الضخم بجزء كبير في احتياطيات النفط العراقية، البالغة 145 مليار برميل، إذ كان يُعدّ أكبر حقل للنفط في العالم قبل ظهور حقل الغوار في المملكة العربية السعودية.

وسيسهم تطوير الحقل العملاق، الواقع في الشمال، بدعم خطط بغداد لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 8 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا، بحلول عام 2027.

وعند رصد معلومات عن حقل كركوك، كشف تقرير لمنصة الطاقة، أنه اكتُشِف في أكتوبر/تشرين الأول عام 1927، بمنطقة بابا كركر بمحافظة كركوك شمال العراق، وبدأ الإنتاج في عام 1934، ليُصبح منذ ذلك الحين مركزًا رئيسًا لإنتاج النفط في العراق وشريانًا اقتصاديًا مهمًا.

وتبلغ مساحة الحقل، المملوك لوزارة النفط العراقية ممثلةً في شركة نفط الشمال، نحو 100 كم طولًا و12 كم عرضًا، ويضم العديد من القباب النفطية، أبرزها بابا وأفانا، ويتضمن 196 بئرًا منتجة منذ اكتشافه، وهو جزء من مجموعة حقول نفطية رئيسة في كركوك، تشمل حقل باي حسن، وحقل جمبور، وحقل خباز.

ويُستعمل نظام تصدير مبسَّط في الحقل؛ إذ يُضخ النفط المستخرج مباشرة عبر أنبوب كركوك – جيهان إلى ميناء جيهان التركي، ويُشحن إلى الأسواق العالمية.

إلى ذلك، يمثّل الحقل نقطة خلاف تاريخية بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، إذ تُعدّ المنطقة الواقع فيها الحقل منطقة متنازَع عليها، لا سيما بعد انتهاء الحرب الأميركية وظهور مطالب كردية بإدارة الحقل.

وفي عام 2008، اندلعت مواجهة مسلحة قصيرة بين القوات الحكومية وقوات البشمركة بشأن السيطرة على قبة خورمالا النفطية، كونها تقع ضمن محافظة أربيل التابعة لإقليم كردستان، في حين قالت حكومة بغداد المركزية، إنه استنادًا لدستور 2005، فإن إدارة الحقول المنتجة من حق الحكومة على المستوى الاتحادي.

احتياطيات حقل كركوك

تُشير التقديرات إلى أن احتياطيات حقل كركوك تبلغ نحو 9 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج، ما يجعله أحد أكبر الحقول عالميًا.

واستعاد الحقل 98.83% من إجمالي احتياطياته القابلة للاستخراج، وبلغ ذروة إنتاجه في عام 1974، ويُتوقع أن يستمر الإنتاج حتى يصل الحقل إلى حدّه الاقتصادي عام 2029، وفقًا للمعايير الاقتصادية الحالية.

ويشكّل إنتاج حقل كركوك نحو 3% من الإنتاج اليومي للبلاد، الذي يصل إلى نحو 5 ملايين برميل يوميًا، وفق بيانات قطاع النفط والغاز العراقي لدى منصة الطاقة المتخصصة.

كان الحقل ينتج 680 ألف برميل يوميًا، قبل الحرب الأميركية عام 2003، لكن هذا الإنتاج انخفض الى 200 ألف برميل يوميًا بعد الحرب، إضافة إلى ذلك، فإن تصدير النفط من كركوك أصبح صعبًا بسبب الهجمات على أنبوب النفط كركوك – جيهان.

وشهد تطوير حقل كركوك مراحل متعددة خلال العقود الماضية، إذ تأثَّر إنتاجه وتطويره بالتحديات الأمنية والسياسية التي شهدتها البلاد.

وفي أغسطس/آب 2024، أعلنت الحكومة توقيع مذكرة تفاهم مع شركة بي بي البريطانية لإعادة تأهيل وتطوير حقول شركة نفط الشمال الأربعة، بما فيها حقل كركوك.

وتشمل مذكرة التفاهم تطوير القباب النفطية في كركوك (بابا وأفانا)، إلى جانب تطوير حقول باي حسن، جمبور، وخباز، مع إمكان التوسع لتشمل رقع استكشافية جديدة.

ووفقًا للبيان الحكومي، ستبدأ بي بي في وضع خطة رئيسة لتعزيز الطاقة الإنتاجية للنفط الخام والغاز في الحقول الأربعة، وتؤكد الشركة البريطانية أن تطوير الحقل يتطلب إعادة تأهيل المرافق القائمة وبناء مرافق جديدة، بما في ذلك مشروعات غاز وبرامج حفر.

ويُتوقع أن تسهم هذه الجهود في استقرار الإنتاج وعكس التراجع الذي شهده الحقل سابقًا، ويُنتظر أن تُختَتم المفاوضات المتعلقة بمذكرة التفاهم في أوائل العام المقبل 2025.

يشار إلى أنه، في عام 2013، وُقِّع خطاب نوايا بين شركة “بي بي” ووزارة النفط العراقية لدراسة تطوير الحقل النفطي العملاق، لكن الصفقة عُلّقت في عام 2014.

وفي أواخر عام 2019، انسحبت الشركة البريطانية من حقل النفط الواقع في الشمال، بعد انتهاء عقد الخدمة المُبرَم عام 2013، دون التوصل إلى اتفاق على توسعة الحقل.

ومع إعادة إحياء التعاون بين الحكومة العراقية وشركة بي بي، يُتوقع أن يُسهم تطوير حقل كركوك في استقرار الإنتاج وزيادته، كما أنه يمثّل خطوة حيوية في تحقيق رؤية العراق لتعظيم الاستفادة من موارده النفطية ودعم اقتصاده الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى