مقالات

مستقبلك في صندوق الاقتراع: لماذا لا يجب أن تقاطع الانتخابات؟ . 

نبيل محمد سمارة

مع اقتراب موعد الانتخابات في العراق، تتصاعد الأصوات المتباينة بين داعمٍ للمشاركة ومحرضٍ على المقاطعة. وفي خضم هذا الضجيج، يواجه المواطن العراقي مسؤولية كبرى لا تتعلق بشخصه فقط، بل بمستقبل وطنٍ بأكمله. إنّ الإدلاء بصوتك في يوم الانتخابات ليس إجراءً روتينياً، بل هو موقف وطني، وقرار مصيري ينعكس أثره على بيتك وأسرتك قبل أن ينعكس على البرلمان والحكومة.

فحين تضع ورقة الاقتراع في الصندوق، فأنت تمارس حقك الدستوري وتمنح شرعية للنزاهة والإصلاح. أما حين تقاطع، فأنت تترك الساحة فارغة أمام من لا يمثل طموحاتك، وتسمح بتمرير وجوه لا تحمل مشروعاً وطنياً حقيقياً. الامتناع لا يعاقب الفاسدين، بل يعاقبك أنت وعائلتك، لأن النتيجة ستكون استمرار من اعتادوا استغلال غياب الأصوات النظيفة.

ففي عصر الإعلام المفتوح، تنتشر مقاطع الفيديو المدسوسة ومنشورات التواصل الاجتماعي التي تحاول ضرب الثقة بالعملية الانتخابية أو زرع الفتنة بين العراقيين على أساس طائفي أو قومي. هذه الحملات ليست بريئة، بل تقف خلفها جهات تعرف أن الناخب الواعي يشكل خطراً على نفوذها.

الحل بسيط: لا تجعل هاتفك بديلاً عن وعيك، ولا تمنح شائعةً فرصة للتحكم بمستقبلك. تحقق من المصدر، وميز بين الخبر الصحيح والإشاعة، بين النقد البنّاء والتحريض الهدام.

لقد علّمتنا التجارب أن الانقسام الطائفي لا يبني دولة، وأن المزايدات القومية لا تحمي وطناً. العراق لا ينهض إلا باختيار الأكفأ والأصدق، بعيداً عن الانتماءات الضيقة. حين تضع صوتك، اسأل نفسك: من هو الأنزه؟ من يحمل مشروعاً يخدم الجميع لا فئة محددة؟ من يستطيع أن يجعل مؤسسات الدولة أقوى من أي ولاء آخر؟

هذا هو الاختبار الحقيقي الذي ينبغي أن يواجهه الناخب العراقي.

فالانتخابات ليست مجرد حق، بل هي واجب وطني وأخلاقي. كل مقعد يُمنح في البرلمان هو انعكاس لأصوات المواطنين، وإن تركت مكانك فارغاً، فأنت تمنحه لغيرك. المشاركة الواسعة للشعب تعني برلماناً أكثر تمثيلاً وعدالة، وحكومة أكثر خضوعاً لإرادة الشعب، بينما المقاطعة لا تؤدي إلا إلى اتساع الفجوة بين المواطن والدولة.

المستقبل لن يُمنح لنا على طبق من ذهب، بل نصنعه نحن بخياراتنا. العراق يستحق من أبنائه أن يتحملوا المسؤولية كاملة، وأن يرفضوا تكرار أخطاء الماضي. التغيير الحقيقي يبدأ من الصندوق، من صوتك الذي قد تراه بسيطاً لكنه في الحقيقة أمانة ثقيلة.

فلنقل جميعاً: لن نترك الوطن بيد الفاسدين. سنختار الأنزه والأكفأ، وسنصوت من أجل عراقٍ يليق بأجيالنا القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى