مقالات

الزناد الأوروبي يُشعل ساعة الصفر مع إيران !!

د. احمد الاعرجي

في خطوة تكشف ازدواجية المعايير الدولية وتعرّي حقيقة النوايا الغربية ، أقدمت الترويكا الأوروبية على إعادة التلويح بما يُعرف بـ«آلية الزناد» في محاولة لفرض ضغوط جديدة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

هذه الخطوة ليست مجرد إجراء تقني في إطار الاتفاق النووي، بل تمثل تصعيداً سياسياً يراد منه خنق طهران وتقييد دورها الإقليمي والدولي ، في وقت يشهد العالم تحولات جذرية تضع الغرب في مأزق استراتيجي متزايد .

إيران ، التي التزمت بالاتفاق النووي لسنوات بشفافية عالية وبإشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، أثبتت أنها الطرف الأكثر انضباطاً واحتراماً للتعهدات .

في المقابل ، كان الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق عام 2018 والتقاعس الأوروبي عن تنفيذ التزاماتهم الاقتصادية ، الضربة الحقيقية التي قوّضت الثقة بأي تفاهمات .

من هنا ، فإن إعادة تفعيل «آلية الزناد» اليوم لا تمثل سوى استمرار لنهج الضغط غير المشروع على طهران ، ومحاولة لابتزازها سياسياً واقتصادياً .

الرسالة الإيرانية جاءت واضحة وصارمة: إعادة فرض العقوبات تحت غطاء الآلية يعني نهاية التعاون الطوعي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، أي أن الغرب سيكون قد أضاع ما تبقى من جسور الحوار والرقابة، واختار طريق التصعيد بدل الحلول الدبلوماسية .

وهنا يبرز السؤال: من يتحمل مسؤولية زعزعة الأمن الدولي؟

هل هي إيران التي طالبت بحقها المشروع في الاستخدام السلمي للطاقة النووية ، أم الأطراف التي نكثت بتعهداتها وسعت لفرض وصايتها على شعب حرّ وسيّد؟

إيران اليوم ليست كما كانت قبل عقد من الزمن .

لقد راكمت خبرة نووية وتقنية متقدمة ، ووسعت علاقاتها مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا ، وأصبحت رقماً صعباً في معادلات الطاقة والاقتصاد الإقليمي. أي محاولة لفرض العزلة عليها ستصطدم بحقائق الجغرافيا والتحولات العالمية ؛ فالعالم لم يعد أحادياً بزعامة واشنطن ، بل يسير نحو تعددية قطبية تتراجع فيها الهيمنة الغربية يوماً بعد يوم .

إن ما يسمى بـ«الزناد» قد ينطلق بالفعل ، لكنه لن يصيب سوى مصداقية أوروبا المنهكة. أما إيران، فقد أثبتت مراراً أنها قادرة على الصمود، وأن كل جولة من العقوبات لم تزدها إلا إصراراً على تطوير قدراتها وتعزيز استقلال قرارها.

وعليه ، فإن ساعة الصفر التي أشعلها الأوروبيون قد تكون بداية النهاية لهيمنتهم ، وبداية فصل جديد في صعود إيران كقوة إقليمية ودولية لا يمكن تجاوزها .

زر الذهاب إلى الأعلى