
في عالم السياسة واليأس من السياسيين تلوح صورة حسن نصر الله كالشمس الساطعة تحرق عيون المناوئين وتعطي الدفأ والحياة للملايين من عشاق البطولة ليس في لبنان وحسب بل في العالم باسره، فقد تجاوز حدود الرجل السياسي المناور وهو ما عُرف به السياسيون في عالمنا اليوم، وعند النظر الى حياة وسيرة السيد حسن نصر الله سيكتشف المراقب معنا آخر للسياسة مقرونا بالتضحية و الاخلاص وحب الخير للبلاد والدفاع عن العباد.
لقد راهن الكثير على فشل حسن نصر الله ليس فشله في المعركة مع العدو بل فشله كانسان ورمز عالمي فتح الطريق امام ثوار العالم، لكنه بشهادته ربح الرهان، ورسم للعالم اعظم نموذج للانسان المخلص لشعبه ولوطنه، فشهادته اجابت على الكثير من علامات الاستفهام التي كانت تتردد في الاوساط السياسية والاعلامية واجابت على الكثير من اسئلة المغرضين، من تلك الاسئلة لماذا لا يخوض حزب الله الحرب جنبا الى جنب اهالي غزة؟ ولماذا دفع حسن نصر الله بالفلسطينيين الى المواجهة ثم انكفأ بنفسه؟ ،وكانه لا يريد الحرب، وهناك من طرح هذا السؤال متى ستتوحد الساحات ويخوض حزب الله الحرب مع اسرائيل؟ وكنا نشعر من طيات هذه الاسئلة شيئا من التنديد والتخوين لحزب الله حتى جاءت شهادته في 27/9/2024 لتقول للعالم بان الدم الفلسطيني ليس رخيصا، وانه جاء اليوم الذي يختلط فيه هذا الدم مع الدم اللبناني ولتؤكد للدنيا بان المقاومة واحدة مهما تعددت الجبهات ، وليعلن للمشككين والمخوّنين بان السيد حسن نصر الله لا يرى دمه اغلى من الدم الفلسطيني وانه استمر في خط المقاومة حتى النفس الاخير . فقد قدّم نجله السيد هادي، وقدم رفاق دربه في الجهاد السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب وهو اليوم يُقدم نفسه وبلا تردد في محراب الشهادة و لم يترك ساحة المعركة لحظة واحدة بالرغم من وجود فرص كثيرة للاستمرار في المعركة وقيادتها من مكان آمن ، فقد ابى الا ان يكون مع رفاقه في ميدان المعركة يشدُّ ازرهم ويُقوي ارادتهم القتالية و جنبا الى جنب اخوته الفلسطينيين.
لم يمت سيد حسن ،فيوم امس خرج اللبنانون عن بكرة ابيهم في صيدا والروشة وفي كل مكان ليقولوا لقائدهم باننا على العهد، وليستذكروا مواقفه الخالدة طيلة فترة المقاومة منذ ثمانينيات القرن الماضي والى يومنا هذا وليستذكروا ايضا انجازاته الكبيرة، اذ لم تكن حركته عسكرية وحسب بل كانت حركة اجتماعية واقتصادية استطاعت ان تسدي اكبر الخدمات للشعب اللبناني سواء في التعليم حيث انتشرت مدارس الامام الجواد في طول البلاد وعرضها، بالاضافه الى المشاريع الاقتصادية التي كانت تموّل من قبل صناديق قرض الحسنة التي استهدفها العدو الغادر في المقام الاول لانه يعرف سر عظمة السيد حسن نصر الله انه يكمن في هذا المجال ، اذ كانت حركته حركة اجتماعية استطاعت ان تنقذ لبنان من ازمات اقتصادية، بالاضافة الى وقوفه امام العدو الاسرائيلي الذي كان يستبيح الارض اللبنانية متى شاء واينما شاء ؟ !!. فوجود السيد حسن نصر الله والمقاومة حال دون تنفيذ المخطط الاسرائيلي للوصول الى النهر الليطاني واحتلال قسم كبير من الاراضي اللبنانية، وفعلا حاول العدو عدة مرات القيام بتحقيق اهدافه لكنه في كل مرة كان يُواجه برجال المقاومة وبطولاتهم التي لم تدع للعدو لحظة من الاستقرار على الارض اللبنانية.
من هنا فان السيد حسن نصر الله له الفضل الكبير في وحدة لبنان واستقلاله وتحرره من الاحتلالات الاسرائيلية، فكان ذكرى شهادته يوما وطنيا احتفل فيه اللبنانيون بكل طوائفهم بهذا اليوم الاغر الذي يحمل كل معاني البطولة والشهامة و الوفاء لسيد المقاومة.