مقالات

حبل الله يجمعنا

نعمان الغزي/ لندن 

في العراق تصبح كل أخبار السياسة أكثر من مجرد حدث

فهي مرآة لصراع النفوذ المركب الذي يمتد من الداخل إلى المحيط الإقليمي. الحديث عن اغتيال السيد مقتدى الصدر، الذي يتردد هذه الأيام في وسائل الإعلام، يجب أن يُفهم في سياق هذه البيئة المعقدة، حيث يمكن لأي اتهام أن يُوظف لتفتيت الصفوف الشيعية وإضعاف القوى السياسية المتنافسة، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات.

إن تداول هذه الاتهامات، حتى في غياب أدلة ملموسة، يزرع القلق بين الأوساط السياسية والشعبية. وقد يؤدي إلى تفسير أي حركة أو موقف على أنه جزء من مؤامرة، ما يخلق بيئة من الشك والتوتر بدلًا من الحوار البنّاء. ولعل هذا يذكّرنا بما جاء في القرآن الكريم (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُو)

فالوحدة ليست خيارًا بل ضرورة لحماية النسيج الاجتماعي والسياسي، ومواجهة كل محاولات التفريق.

من المهم التذكير بأن الاتهامات الحالية لم تُدعّم بعد بأدلة حاسمة، وردود الأطراف المعنية تنفي أي نية للتآمر أو العنف. ولذا، فإن المطلوب هو التحلي بالهدوء والاعتماد على الشفافية والتحقيقات المستقلة، بدلًا من الانجرار وراء الاتهامات التي تهدف غالبًا إلى بث الريبة والتوتر.

العراق اليوم يحتاج إلى قيادة واعية وجمهور يقظ، قادر على إدارة الخلافات بالسياسة والحوار والقانون، وليس بالتهم الجزافية أو التحريض الميداني. فالصف الموحد هو حصن الشعب العراقي ضد كل محاولات الانقسام، والوحدة قوة تمكن من مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يعيشها الوطن.

إن أي شقاق داخلي، مهما كانت دوافعه، لن يخدم سوى من يسعى لتفتيت المكون الشيعي أو توظيف العراق مسرحًا للصراعات الإقليمية. وحده التمسك بـ حبل الله ، والوعي المشترك، والممارسة السياسية الناضجة، سيضمن استمرار العراق قوياً وموحداً، قادرًا على بناء مستقبله بأمان واستقرار

بعيدًا عن الفتن والأوهام التي يحاول البعض زرعها بين أبنائه.

زر الذهاب إلى الأعلى