مقالات

الشيخ مصطفى الأنصاري بين صوت الحق وصمت السلطة

د. محسن حنون العكيلي 

الدكتور محسن حنون العكيلي :: في الوقت الذي تغص فيه مواقع التواصل الاجتماعي بمئات ما يُسمّى بالفاشينيستات والبلوغرات اللواتي لا شغل لهن سوى التهجم على الدولة والمسؤولين وترويج ثقافة التسقيط والاستخفاف بالقيم، دون أن تتخذ الحكومات – سواء المركزية أو المحلية – أي إجراء قانوني حقيقي لردع هذه الظواهر السلبية؛ نفاجأ اليوم بأن محافظة البصرة تسارع إلى رفع دعوى قضائية ضد شخصية دينية ووطنية مشهود لها بالمواقف الصادقة، هو الشيخ مصطفى الأنصاري.

أي مفارقة هذه؟

هل بات من السهل محاسبة صوت الحق، بينما تُترك الأصوات الفارغة التي تثير الفوضى وتنشر الانحلال الأخلاقي دون حسيب أو رقيب؟ أليس الأجدر بالمحافظة أن تستمع إلى النقد البنّاء وتعتبره فرصة لتقويم الأخطاء وتجاوز السلبيات بدلًا من تحويله إلى قضية قضائية؟

الشيخ مصطفى الأنصاري ليس مجرد خطيب أو متحدث عابر، بل هو رجل عُرف بغيرته على العراق، بمواقفه الواضحة في الدفاع عن فلسطين وغزة، وبدعوته الدائمة للشباب نحو الالتزام بالقيم والدين والوطنية. مثل هذا الصوت يجب أن يُكرّم ويُصان، لا أن يُستهدف بدعوى قضائية لمجرد أنه عبّر عن رأيه وانتقد ما يجري في محافظة من محافظات العراق.

النقد ليس جريمة، بل هو واجب ديني ووطني وأخلاقي، خصوصًا إذا صدر عن شخصية مشهود لها بالاعتدال والغيرة على مصلحة الوطن. وإذا كانت بعض الحكومات تتغاضى عن حملات التسقيط والانحلال التي يقودها أشخاص لا همّ لهم سوى جمع الأموال وزيادة المتابعين، فإن من العار أن تكون أولى خطواتها “القانونية” موجهة ضد رجل دين وطني، ناصح لشبابه ومجتمعه.

إن القيم الديمقراطية والأخلاقية تفترض أن يُستمع لصوت الناصح، لا أن يُكمّم. وأن يُفتح حوار مع من ينتقد، لا أن يُجرّ إلى ساحات المحاكم. فالشعب لا يحترم من يكمم الأفواه، بل يحترم من يتواضع ليستمع للنقد ويتدارك الأخطاء.

إن قضية الشيخ مصطفى الأنصاري ليست قضية شخصية، بل هي قضية حرية الرأي، وقضية المفارقة بين من يُترك ليهدم القيم، ومن يُحارب لأنه حاول أن يبنيها. والتاريخ لا يرحم.

زر الذهاب إلى الأعلى