المسؤولية الانتخابية في المحافظات المشتركة: حماية التوازن السياسي ومستقبل العراق
الشییخ الدکتور یاسر الحميداوي

مع اقتراب موعد الانتخابات، يبرز جدل واسع حول المشاركة وأثرها في رسم مستقبل الحكم بالعراق. وفي هذا السياق، نؤكد أن محافظات البصرة وذي قار وميسان والديوانية والنجف وكربلاء والمثنى غير معنيّة بالدرجة الأولى بالتحذير من تغيّر موازين القوى، لأن حضورهم أو غيابهم لا يُحدث فارقًا حاسمًا في المقاعد الشيعية، التي تبقى مضمونة إلى حدٍّ كبير في هذه المحافظات ذات الأغلبية الواضحة.
إلّا أن الصورة تختلف تمامًا في المحافظات المشتركة، وهي: بغداد والحلّة (بابل) وديالى. هذه المحافظات تحتضن تركيبة سكانية متنوّعة، وعدد مقاعدها يفوق مجموع بعض المحافظات الشيعية. ومن هنا، فإن الامتناع عن المشاركة في هذه المناطق لا يعني فقط خسارة أصواتٍ محدودة، بل يُنذر بكارثة سياسية قد تُغيّر خريطة الحكم في العراق بالكامل.
إن المسؤولية الوطنية والشرعية هنا تقع بدرجة كبيرة على أهالي تلك المحافظات المشتركة، لأن أصواتهم تمثّل خط الدفاع الأول عن التوازن السياسي وحماية المكتسبات التي تحققت بعد سنوات من التضحيات. الامتناع أو التهاون في أداء هذا الواجب قد يفتح الباب أمام عودة أنماط حكم تُذكّرنا بالعهود الاستبدادية التي عانى منها العراقيون طويلًا.
إن المشاركة الفاعلة لا تُعدّ مجرّد عملية اقتراع، بل هي موقف وطني يعكس وعيًا بالتحديات ومواجهةً للمشاريع التي تسعى لتقويض الاستقرار وتهميش إرادة الأكثرية. والوعي الانتخابي هنا يعني أن كل صوتٍ يُحدث فرقًا، خصوصًا في المحافظات التي توازن بين اتجاهات وقوى سياسية متعددة.
وعليه، فإننا ندعو أهالي بغداد والحلة وديالى إلى أن يجعلوا من يوم الانتخابات موقفًا للتعبير عن إرادتهم، وألّا يسمحوا للامبالاة أو حملات التثبيط بأن تُضعف صوتهم. فالعراق اليوم بحاجة إلى مشاركة مسؤولة وشجاعة تحافظ على وحدة الصف وتحمي مسار الدولة من الانزلاق إلى أزمات جديدة قد تُعيد عقارب الزمن إلى الوراء
الشییخ الدکتور یاسر الحميداوي
2025/9/20